يشرح بلال يوسف صعب أن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الدوحة يوم 9 سبتمبر كشفت لماذا تضغط السعودية منذ سنوات من أجل اتفاق دفاعي رسمي مع الولايات المتحدة. ورغم الشراكة الوثيقة بين واشنطن ودول الخليج، إلا أن هذه العلاقات لا تتجاوز تفاهمات غير ملزمة لم تصمد أمام الهجوم الإسرائيلي الأخير. أصرت الرياض مراراً على اتفاق موقع يضمن التزامات واضحة، خصوصاً بعد أن ربط الرؤساء الأميركيون السابقون هذه الصفقة بالتطبيع مع إسرائيل مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية، وهو شرط رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

أوضح تشاتام هاوس أن دول الخليج لم تعد تثق بالترتيبات الأمنية القديمة مع الولايات المتحدة. بعد هجوم إيران على منشآت النفط السعودية في 14 سبتمبر 2019، أصيبت الرياض بصدمة من عجز واشنطن عن الرد، فتحول المطلب الخليجي إلى ضمانات مكتوبة ومصدق عليها من الكونغرس، شبيهة بالمعاهدات التي تربط أميركا بحلفائها في الناتو واليابان وكوريا الجنوبية.

اليوم، تجد دول الخليج نفسها مهددة من طرفين: صديق هو إسرائيل وعدو هو إيران، بينما واشنطن تكتفي بالإدانة من دون تدخل ملموس. هذا الموقف جعل القلق يتزايد بشأن مدى التزام أميركا بالدفاع عن شركائها رغم وجود قواعد عسكرية أميركية وصفقات تسليح ضخمة في المنطقة.

لكن الحل لا يكمن في مضاعفة الاعتماد على واشنطن. فحتى لو نجحت المفاوضات في انتزاع اتفاق دفاعي رسمي، فلن يمنح ضمان حماية مطلقة. المادة الخامسة من ميثاق الناتو نفسها لا تلزم الأعضاء تلقائياً بالتدخل العسكري، بل تترك القرار لتقدير كل دولة. كذلك، لم يشكل الاتفاق الدفاعي الموقع حديثاً بين السعودية وباكستان ضمانة كافية، لأن أولويات إسلام آباد تظل متركزة على مواجهة الهند.

يرى الكاتب أن تعزيز أمن الخليج يظل رهناً بالداخل، عبر الاندماج الدفاعي بين دول مجلس التعاون الخليجي. أنشأ المجلس "قوة درع الجزيرة" عام 1984، ووقّع اتفاقية دفاع مشترك عام 2000، لكن هذه الخطوات بقيت محدودة وظلت القوة المشتركة أقرب إلى هيئة استشارية باستثناء تدخلها في البحرين عام 2011 لدعم النظام في مواجهة احتجاجات شعبية.

العقبات الرئيسة أمام التكامل الدفاعي الخليجي تعود إلى انعدام الثقة وتباين السياسات الخارجية. فقبل سنوات قليلة، فرضت السعودية والإمارات والبحرين حصاراً على قطر بدعوى تدخلها في شؤونها الداخلية، بينما اليوم تُظهر هذه العواصم تضامناً مع الدوحة عقب الهجوم الإسرائيلي. ومع ذلك، يظل المشهد الخليجي خليطاً من التنافس والتنسيق أكثر منه وحدة حقيقية.

يشير صعب إلى أن الهجوم الإسرائيلي قد يشكل فرصة لتسريع الخطوات نحو اتحاد دفاعي خليجي فعلي. هذا الاتحاد لن يحل محل الدعم الأميركي لكنه سيوفر مظلة ردع داخلية ويمنح دول المنطقة ثقلاً أكبر في مواجهة التحديات الإقليمية.

الخلاصة أن أمن الخليج لا يمكن أن يستمر رهينة وعود واشنطن أو حساباتها المتغيرة. الوقت حان لتطوير هيكل دفاعي موحد يضمن الحماية ويحول دون تكرار الهجمات، سواء من عدو معلن كإيران أو من حليف متقلب كإسرائيل.

https://www.chathamhouse.org/2025/09/israels-attack-qatar-shows-why-its-time-gulf-defence-union